الفساد الإداري في تدبير مأذونيات سيارات الأجرة بإقليم القنيطرة: واقع يستدعي المحاسبة

الوطن24/مراد مجاهد 

في قطاع سيارات الأجرة بإقليم القنيطرة، تستمر معاناة المهنيين نتيجة الفساد الإداري والتسيير العشوائي، وهو واقع يظهر بوضوح في قضية استغلال مأذونية سيارة الأجرة رقم 184 نقطة انطلاقها سوق أربعاء الغرب. هذه القضية تجسد كيف أصبح القطاع عُرضة للتلاعب بالمأذونيات والعقود النموذجية في ظل غياب الرقابة والإجراءات القانونية الواضحة.

المهني خالد لكحل الذي يحمل رخصة الثقة  وبطاقة مهنية ويعتمد على هذا النشاط لكسب قوته اليومي و حسب تصريحاته، أبرم عقدًا نموذجيًا لاستغلال هذه المأذونية مع صاحبها، بتاريخ 12 فبراير 2024، وتمت المصادقة عليه من قبل السلطات المحلية في الملحقة الإدارية الأولى بالقنيطرة. غير أن هذا العقد لم يكن سوى بداية لمعاناة مستمرة، بعد التوجه إلى مصلحة تدبير رخص المأذونيات بعمالة القنيطرة لاستلام نسخة من العقد النمودجي، تفاجأ المهني بأن الوثائق تم حجزها بدعوى “عرض الملف على السيد العامل”.

وفي كل مرة يحاول فيها المهني استلام حقوقه القانونية، يواجه استقبالًا غير لائق وتعطيلاً متعمداً، بحجة أن الملف ما زال قيد الدراسة لدى السيد العامل. ورغم مرور الشهور دون أي تقدم، كانت الصدمة الكبرى حين علم المهني أن عقدًا نموذجيًا جديدًا قد تم توقيعه بين صاحب المأذونية، وشخص آخر، والذي بدأ بمزاولة النشاط المهني بناءً على هذه المأذونية.

 

هذا التصرف أثار الشكوك حول وجود تواطؤ إداري مكشوف. كيف يمكن أن يُعتمد عقد جديد في حين أن العقد الأول يعتبر ساري المفعول وبموافقة السلطات؟ وكيف يمكن لجهة إدارية أن تسمح باستغلال المأذونية من طرف شخص آخر دون إبلاغ المهني الأول أو إعطائه نسخة من العقد الذي تم المصادقة عليه قانونيًا؟

 

المهني الأول، الذي يملك رخصة الثقة ويستوفي جميع الشروط اللازمة للعمل كسائق سيارة أجرة، وجد نفسه فجأة بدون عمل بعد أن تم إلغاء عقده بطريقة مشبوهة، دون تقديم أي مبرر قانوني أو توضيح من الجهات المسؤولة. الأسوأ من ذلك، أن الإدارة لم تزوده بنسخة من العقد النموذجي أو القرار العاملي الذي يخول له استغلال المأذونية، مما يطرح تساؤلات حول كيفية تشغيل السيارة واستغلالها لنقل الركاب، وما إذا كان هناك تلاعب في إصدار التصاريح اللازمة من قبل مراكز التنقيط.

 

إضافة إلى ذلك، فإن عدم منح المهني أي إشعار حول إلغاء العقد ورفض تقديم تبرير قانوني لما حدث، يثير التساؤلات حول مدى الشفافية والنزاهة في إدارة المأذونيات. كما أنه من الغريب أن يتم استغلال نفس السيارة التي كانت تحت اسم أخ المستغل الأول، رغم أن القانون يفرض أن السيارة المستغلة يجب أن تكون مسجلة باسم الشخص الموقع على العقد.

 

هذه الحالة تعكس وضعًا شاذًا وغير قانوني في إدارة المأذونيات، حيث يتم التعامل مع العقود النموذجية وكأنها صكوك شخصية يمكن إلغاؤها وإعادة إصدارها حسب الأهواء. والسؤال الأكبر هنا: من يراقب هذه العمليات؟ ومن يحاسب المسؤولين عن هذه التجاوزات؟

إن هذه التجاوزات الخطيرة تسلط الضوء على الفساد الإداري الذي ينخر قطاع سيارات الأجرة في إقليم القنيطرة، وهو ما يفسر تعطل مصالح المهنيين وحرمانهم من حقوقهم المشروعة. المهنيون في هذا القطاع ليسوا مجرد أدوات في لعبة المأذونيات، بل هم أرباب أسر يسعون لكسب لقمة عيشهم بشرف واستحقاق، في وقت أصبح فيه بعض أصحاب المأذونيات والإدارات يتلاعبون بمصيرهم.

 

نحن، كمهنيين في قطاع سيارات الأجرة، نطالب بتدخل فوري وحاسم من وزارة الداخلية، لفتح تحقيق نزيه وشامل في هذه القضية وكل القضايا المشابهة التي تشوبها نفس الشكوك حول التلاعب والفساد الإداري. كما ندعو إلى ضرورة إصدار تعليمات صارمة تلزم جميع الإدارات المحلية بتطبيق القانون بكل شفافية وعدالة، وتفعيل المراقبة الصارمة على جميع العمليات المتعلقة بالمأذونيات، بما يضمن حقوق المهنيين ويمنع استغلالهم.

على السلطات أن تكون حازمة في مواجهة هذه الفوضى، فلا يمكن السماح باستمرار استغلال العقود النموذجية بشكل يخالف القوانين التنظيمية، ولا يمكن السكوت عن التلاعب بحقوق المهنيين الذين يعانون في صمت.

 

على الجهات الوصية، بدءًا من السيد وزير الداخلية وصولًا إلى العمالة المحلية، تحمل مسؤولياتها في محاسبة كل من تورط في هذا الفساد، ورد الاعتبار إلى كل مهني حُرم من حقه بسبب هذه التجاوزات. وسنظل ندافع عن حقوقنا كمهنيين، ولن نتوقف عن المطالبة بالعدالة والإنصاف في وجه كل من يحاول استغلالنا أو التلاعب بمصيرنا.

 

 

ملحوظة: الأمر لم يقف عند هذا الحد ،السائق المهني الضحية تعرض لسحب رخصة الثقة بعد ذلك و لنا عودة في الموضوع…

يتبع…..