المغرب بين الخطاب والإخلال: جماعات ترابية في إقليم القنيطرة تُسقط مبدأ الكفاءة في مستنقع الزبونية

الوطن24 / سوق الأربعاء الغرب

بينما تؤكد وزارة الداخلية المغربية، في بلاغاتها وتصريحاتها، على ضرورة تخليق مباريات التوظيف وربط المسؤولية بالمحاسبة، تكشف الوقائع الجارية في عدد من الجماعات الترابية التابعة لإقليم القنيطرة، وعلى رأسها جماعة سوق الأربعاء الغرب، عن واقع مغاير تُسوده المحسوبية، ويطغى عليه منطق “الاستحقاق المفصّل على المقاس”.

فقد تفجرت مؤخراً قضية توظيف أثارت الرأي العام المحلي، بعد نشر إحدى المشاركات في مباراة توظيف تخصص المعلوميات (السلم 9) لشهادة صادمة، وصفت فيها ما جرى بـ”مجزرة في حق الكفاءات”، متهمة المسؤولين عن المباراة بتصفية الناجحين مسبقاً، لصالح مرشحين تربطهم علاقات عائلية أو مصالح متبادلة مع نافذين في الإقليم.

أخطر ما ورد في الشهادة، اتهام مباشر لأحد الناجحين بكونه مقرباً من مسؤول إداري نافذ ومالكاً لمشاريع عقارية، مما يطرح علامات استفهام حول دوافع ترشحه. كما تم الحديث عن شبكة “مبادلات مشبوهة” للمترشحين بين الجماعات لتفادي الشبهات، في وقت يتم فيه الإبقاء على مبدأ “التعيين بالتواطؤ” خلف واجهة التباري.

هذه الممارسات، التي تجري في واضحة النهار، تطرح أسئلة حقيقية حول مدى احترام الجماعات الترابية للمذكرات الوزارية المنظمة، خصوصاً بعد بلاغ وزارة الداخلية الأخير، الذي أكد أن مباريات التوظيف يجب أن تقوم على أساس الشفافية وتكافؤ الفرص، لا على قاعدة الولاءات والقرابة السياسية أو العائلية.

وفي الوقت الذي تؤكد الوزارة أن أي تجاوزات تستوجب المساءلة، يبدو أن واقع إقليم القنيطرة لا يزال يشتغل بمنطق “من يحمي من”، حيث تفرض المصالح المتشابكة نفسها، وتُفرغ مبادئ الدستور المغربي من مضمونها، لا سيما تلك التي تكرّس المساواة بين المواطنين في الولوج إلى الوظائف العمومية.

المثير في شهادة المترشحة أن الاختبارات الشفوية كانت سطحية، خالية من أي تقييم علمي أو مهني حقيقي، دون طلب بطائق تعريف أو سير ذاتية، بينما تم التعامل مع بعض المترشحين بجدية أكثر، ما يدل على وجود معايير مزدوجة، وممارسات تؤسس لمنظومة فساد إداري تهدد الثقة في مؤسسات الدولة.

ويحمّل كثير من المتتبعين للمشهد المحلي، مسؤولية ما يحدث إلى غياب المتابعة الصارمة من طرف عامل الإقليم، مؤكدين أن ما تشهده جماعة سوق الأربعاء الغرب ليس إلا جزءاً من منظومة أوسع تنخر الجماعات الأخرى بالإقليم، حيث تُصبح الوظائف أداة لإعادة توزيع النفوذ، لا وسيلة لخدمة المواطن.

فهل تتحرك الجهات الوصية، وعلى رأسها وزارة الداخلية والمفتشية العامة للإدارة الترابية، لفتح تحقيق نزيه في ما يجري بجماعات إقليم القنيطرة؟
أم أن هذه الفضيحة ستُطوى كسابقاتها، ويُترك الشباب الحامل للكفاءات يواجه مصير الإقصاء والتهميش في مغرب يقول إنه يسعى للإصلاح؟

إن الإجابة الصادقة عن هذا السؤال، هي التي ستحدد ما إذا كان المغرب يسير فعلاً نحو دولة الحق والقانون، أم أن “الخطاب شيء، والواقع شيء آخر تماماً”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *