فرص جديدة للشباب في المغرب: المناظرة المحلية الثانية حول التمكين الاقتصادي للشابات والشباب في العوامة الشرقية

شهدت مدينة طنجة، وخصوصاً منطقة العوامة الشرقية في المغرب، حدثًا متميزًا مع انطلاق المناظرة المحلية الثانية حول الفرص الاقتصادية للشابات والشباب. هذه المناظرة، التي تعكس التزام الفاعلين المحليين والمجتمع المدني بتنمية فرص العمل والإدماج الاجتماعي في المنطقة، كانت منصة لتبادل الأفكار والخبرات وفتح آفاق جديدة لمستقبل واعد للشباب في مختلف القطاعات الاقتصادية.

بعد نجاح النسخة الأولى من المناظرة التي أُقيمت في نهاية عام 2023، جاء تنظيم النسخة الثانية هذا العام في وقت بالغ الأهمية. حيث يتزامن مع مرحلة انتقالية لمشروع “معًا”، الذي يهدف إلى تعزيز الفرص الاقتصادية والاجتماعية للشباب والشابات في المغرب من خلال تبني آليات عمل مبتكرة ومتقدمة. ويسعى هذا المشروع إلى أن يكون النموذج الأمثل للإدماج الاجتماعي والاقتصادي للشباب، ويشمل استهداف المقاولات الحاضنة ودعمها عبر مرافقتها في المجالات الإدارية والقانونية، وتوفير بيئة مناسبة للتشغيل والتكوين داخل هذه المقاولات.

المناظرة الثانية لم تقتصر على النقاش النظري، بل عكست التطبيق الفعلي للمشاريع التي تم العمل عليها في النسخة السابقة، وأبرزت التحديات المتبقية في الطريق نحو تعزيز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي. وأكد المشاركون على ضرورة تكامل جهود مختلف الأطراف الفاعلة من جمعيات، مؤسسات حكومية، وشركات خاصة، لتوفير الفرص اللازمة لتمكين الشباب من أدوات النجاح.

أحد المحاور الرئيسية التي تم التركيز عليها خلال المناظرة كان مشروع “معًا”، الذي يُعدُّ الأول من نوعه في المنطقة. مشروع “معًا” هو مبادرة تنموية مبتكرة تهدف إلى توفير بيئة عمل احترافية للشابات والشباب من خلال مرافقتهم في تطوير مشاريعهم الشخصية والمهنية. يتم ذلك عبر توفير التدريب المستمر، الاستشارات المالية، وتقديم الدعم المؤسسي. كما يولي المشروع اهتمامًا كبيرًا في تعزيز الحق في العمل الكريم واحترام حقوق الإنسان، مما يساهم في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة في المنطقة.

ومن أهم مميزات هذا المشروع هو الاهتمام الذي يوليه لتدريب المقاولات الحاضنة، حيث يتضمن المشروع ورشًا مهنية تساعد هذه المقاولات على تحسين آلياتها الإدارية والمالية، وبالتالي توفير بيئة ملائمة للشباب للعمل والتطور. وهو ما يعكس رؤية أوسع لتسليح الشباب بالمعرفة اللازمة لإدارة مشروعاتهم المستقبلية، مما يعزز من قدرتهم على التأثير الإيجابي في الاقتصاد المحلي.

أحد أبرز المستجدات التي تم الإعلان عنها خلال المناظرة هو إطلاق “الفضاء المشترك للعمل”، وهو عبارة عن مركز مخصص لدعم حاملي المشاريع الصغيرة المدرة للدخل. سيظل هذا الفضاء مفتوحًا أمام جميع الشابات والشباب في منطقة العوامة الشرقية، سواء كانوا أصحاب مشاريع قائمة أو في طور التفكير في تنفيذ مشاريعهم. يوفر هذا الفضاء بيئة عمل مكتبية، بالإضافة إلى الاستفادة من استشارات مالية وتقنية، حيث يسعى إلى تسهيل التوجيهات الضرورية في مجالات الإدارة، التسويق، والتمويل.

من أبرز الرسائل التي تم التأكيد عليها خلال المناظرة هي أهمية الدور الذي يلعبه المجتمع المدني في تيسير آليات الحوار بين جميع الأطراف المعنية. وقد تم التأكيد على ضرورة التعاون بين الجمعيات المحلية، المؤسسات الحكومية، والقطاع الخاص من أجل توفير فرص اقتصادية حقيقية للشباب. حيث يعتبر المجتمع المدني حلقة وصل مهمة بين الشباب والمصادر التمويلية والفرص التعليمية التي تساعدهم على تطوير مهاراتهم وتعزيز قدراتهم الاقتصادية.

يُعد مشروع “معًا” ثمرة شراكة استراتيجية بين العديد من الأطراف الفاعلة، حيث يتم تنفيذ المبادرة بدعم من مؤسسة “دروسس المغرب” وبالتعاون مع مركز التربية والتكوين للمرأة بالعوامة الشرقية، كما أن هناك شراكات مؤسساتية مع المنسقية الجهوية للتعاون الوطني والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية طنجة-أصيلة. هذه الشراكات تساهم بشكل كبير في ضمان استدامة المشروع وتعزيز فعاليته على المدى الطويل.

وفي الختام نستطيع أن نقول أن المناظرة المحلية الثانية حول الفرص الاقتصادية للشابات والشباب في منطقة العوامة الشرقية تعد نقطة تحول مهمة في تعزيز التمكين الاقتصادي لهذه الفئة في المغرب. من خلال التعاون بين مختلف الأطراف الفاعلة، والتأكيد على دور المجتمع المدني والمؤسسات المحلية، يمكن خلق بيئة عمل مواتية تساهم في تمكين الشباب من الحصول على فرص عمل حقيقية ومستدامة. وما يميز هذه المبادرة هو كونها تستهدف الجميع، سواء كان الشاب أو الشابة، صاحب مشروع ناشئ أو من يسعى لتطوير مهاراته من خلال التكوين المستمر.