ما لا نستطيع فرضه بالتربية نستطيع تنزيلة وفرضه بالقانون المغربي
الوطن 24/ بقلم: الهام بلفحيلي *
مرة ثانية نجد أنفسنا أمام اختبار صعب في وقت أصعب حيث جائحة كورونا، وحيث المواطن المغربي الذي يلومه الجميع على عدم انضباطه والتزامه، واليوم أكيد ستسطر سطور حول لوم جيل من الأطفال والشباب قاموا بأعمال تخريبية من وجهة نظر القانون والمجتمع بينما هم يرونها سلوكا ترفيهيا وتنفيسا عن النفس، وهنا المفارقة العجيبة من المسؤول الحقيقي عن هذه التمثيلات، عندما يجد الطفل المفرقعات تباع وتشترى في حيه وعلى مرمى ومسمع من العالمين، بل مسموح له اقتناؤها دون أدنى مجهود، فهل في نظركم سيشتريها ليخزنها. اكيد سيشتريها ليفجرها معتقدا انه يلعب يتسلى، أكيد أن ما وقع البارحة كما السنة الماضية يحزن ويؤلم.
أنا شخصيا وجدت نفسي السنة الماضية وسط سيل من الأطفال والشباب يحملون مشاعل من النار، ولولا تدخل الأمن والسلطات العمومية لربما وقع لي مكروه ولربما لم أكن موجودة اليوم لأخط هذه التدوينة، وهنا لابد أن نثمن الدور الكبير الذي يقوم به رجال ونساء الأمن والسلطات العمومية في حماية أرواح المواطنين وسلامتهم الجسدية، وفي ذات الوقت التصدي لمثل هذه السلوكيات التي يجب أن نناقشها بهدوء ووعي ودراسة علمية تجعلنا لا نحمل طرفا دون الاخر ما وقع، اتفق أن ما شاهدناه مؤخرا أمر غير مقبول لكن ما هو الحل؟
هل اعتقال الأطفال، أم محاسبة من سمح ببيع تلك المتفجرات، هل من بخس المدرسة العمومية وشوه صورة المعلم القدوة، هل الاسرة التي صار همها لقمة عيش لأبنائها وتعاني ضغوطات مجتمعية وصارت اغلبها مفككة وساد الطلاق وصار اكبر ضحية الطفل رجل وامرأة المستقبل، هل هو الإعلام الذي صار همه نشر التفاهات وقصص الاغتصاب والقتل والشدود تارة وتبخيس صورة المدرس وتقزيم دور المدرسة العمومية تارة اخرى، هل المسؤول هو السياسي الذي فشل كمنتخب وفشل كمؤسسة حزبية دورها التأطير واستقطاب الشباب، هل المجتمع المدني الذي الصقت به صورة الشخصنة والمصالح الخاصة، هل السلطات العمومية والامن الذي يبقى دوره الحرص على تطبيق القانون دون التفكير في روحه الإنسانية، هل المسؤول أنا وأنت ممن يحلل ويناقش ويحتج وينتقد دون أن يسعى إلى التغيير…
المشكل عميق جدا والحل مركب جدا، والخوف من أجيال الغد صار هاجسا عندنا، من سيقود الوطن عندما نعجز عن تحضير الخلف فانتظر الأسوأ، من سيحمي الوطن عندما نرى سلوكيات يغلب عليها الحقد المجتمعي، والمنطق الكرهي، وغياب الثقة في كل شيء حتى الثقة في ذواتنا، أجل أصبحنا فاقدين لبوصلة التوازن النفسي، والتحليل المنطقي، فعلا حزنا لمثل هذه المشاهد بقدر ما فرحنا لمظاهر التآزر بين المواطن والسلطات والامن زمن الحجر الصحي، لكن ارجوكم يبقى الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره، مهما كان لحمة الشعب ملكا شعبا حكومة يجب أن نعتز بها، والوطن غفور رحيم، فأرجوكم السجن ليس حل، كلنا مسؤولون وكلنا وجبت محاسبتنا.
وأصرح بكل وضوح انني أدين هذه السلوكيات غير المقبولة وغير المشرفة والتي مست نساء ورجال أبانوا عن وطنية خلال جائحة كورونا مبتعدين عن أسرهم ومضحين بحياتهم خدمة لوطنهم وصحة مواطنيه، شخصيا اعتز بأمننا وسلطاتنا العمومية حتى لا تنسوا هم كذلك مواطنون، لأنهم لم يخلفوا الموعد وكانوا في مستوى اللحظة، واناشد شبابنا واطفالنا إلى إعادة النظر في هده التصرفات اللاأخلاقية وغير قانونية، لكن ما وقع نتيجة وليس سبب. فلنعالج الاسباب لتفادي مثل هذه الأفعال.
مسألة اخيرة لابد من اصدار قانون يجرم استيراد او صناعة المتفجرات والمفرقعات وبيعها، مع سن عقوبات جزرية مشددة للمخالفين، لأنه من العبث ان نشهد كل سنة هذه المشاهد التي يعاني منها المواطنون، ويتأذى منها المجتمع، ونكتفي بالتنديد والتساؤل وطرح اشكاليات والقيام باعتقالات، الحل هو قانون يحمي الجميع لان ما لا نستطيع فرضه بالتربية نستطيع تنزيله وفرضه بالقانون، لأن المنطق يفرض أن القانون وجد لحماية المجتمع من سلوكيات تضر أغلبية المواطنين، وتانيا ما الربح الذي نجنيه من الإتجار في هذه المواد الخطيرة سواء بالنسبة للأطفال بحدادتهم مما يؤدي إلى المس بحقهم بالحياة وسلامتهم الجسدية أو بالنسبة للمجتمع الذي يعيش أسوء الليالي وأبشع مظاهر الخلعة.
معا من أجل قانون يجرم الإتجار بالمفرقعات
*رئيسة جمعية إنماء للتضامن والتنمية المستدامة