وزارة الداخلية والمواطن المغلوب على أمره في المغرب: قمع الفراشة يكشف عورة السياسات الاجتماعية.

في المغرب، يواجه العديد من الباعة المتجولين أو ما يعرف بالفراشة معاناة يومية تعكس عمق الفقر والتهميش الذي يعاني منه فئة واسعة من المجتمع. هؤلاء الأشخاص الذين يُعتبرون أبطالًا في صراعهم من أجل لقمة العيش، يضطرون للخروج إلى الشوارع في كل صباح، يبيعون الفواكه والخضروات والسلع البسيطة، في محاولة بائسة لتأمين قوت يومهم. لكن، بدلاً من تلقي الدعم والاعتراف بجهودهم، يواجهون قسوة رجال السلطة، الذين يضربون بيد من حديد على كل من يحاول كسب رزقه بطريقة غير تقليدية.

ما يحدث في الشوارع لا يمكن وصفه إلا بأنه مأساة إنسانية. رجال السلطة، بتعليمات من وزارة الداخلية، يخرجون في حملات قمعية تستهدف هؤلاء الفقراء، حيث يتم جمع كل ما يبيعونه في لحظة، تاركين وراءهم مشاهد مؤلمة لرجال ونساء يصرخون ويستغيثون. تتكرر هذه السيناريوهات بشكل يومي، وكأنهم لا يعتبرون أن هؤلاء الباعة لهم أسر تحتاج إلى قوت يومها. مشاهد الدموع والبكاء تعبر عن الألم والمعاناة، ولكن يبدو أن قلوب المسؤولين قد جفت من التعاطف.

لا يفكر هؤلاء المسؤولون في العواقب الاجتماعية لما يفعلونه، ولا يتساءلون عن مصير تلك الخضروات والفواكه التي تتم مصادرتها. هل تُرمى في القمامة، أم تُوزع بطريقة غير شرعية؟ كيف يمكن لبلد يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة أن يتجاهل معاناة مواطنيه بهذه الطريقة؟ إن وزارة الداخلية، التي يجب أن تكون حامية للمواطنين، تتحول إلى أداة قمع لا ترحم، تساهم في تفاقم الأزمات بدلاً من حلها.

إن استهداف الفراشة ليس مجرد إجراء إداري، بل هو علامة على فشل السياسات الاجتماعية في المغرب. حينما نجد أن الحكومة لا تقدم حلولًا عملية ومستمرة للمشاكل الاقتصادية، فإنها تضرب بمصالح المواطنين عرض الحائط. بدلاً من إيجاد بدائل مستدامة لهؤلاء الباعة، مثل إنشاء أسواق منظمة تسمح لهم بالبيع بطريقة قانونية وآمنة، يتم التعامل معهم كأشخاص غير مرغوب فيهم.

تُظهر هذه الممارسات قلة الوعي لدى المسؤولين بحقيقة الحياة التي يعيشها المواطن المغربي. من السهل توجيه التعليمات من المكاتب المكيفة، لكن ما يجب أن يدركوه هو أن وراء كل بائع قصة حياة، وصراع من أجل البقاء. يجب أن تُفتح الأعين على واقع الفقر، ويجب أن تُسمع أصوات هؤلاء الذين يُحرمون من حقوقهم الأساسية. إن الشعب المغربي لا يحتاج إلى المزيد من القمع، بل يحتاج إلى تفهم وتعاطف وحلول عملية.

متى ستتحرك وزارة الداخلية لتغيير هذا الواقع الأليم؟ متى ستضع في اعتباراتهم أن هؤلاء الباعة هم جزء من نسيج المجتمع المغربي، وأن تجاهلهم لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية؟ إن التعاطي مع قضايا الفقر والتهميش لا يمكن أن يتم من خلال القمع، بل يتطلب رؤية شاملة تشمل التنمية المستدامة وتحسين الظروف المعيشية. إن وقت التغيير قد حان، وآن الأوان للمسؤولين أن يتحملوا مسؤولياتهم في تحسين حياة المواطن المغربي بدلاً من سحق آماله وأحلامه.