وسائل الإثبات و القيود الواردة على سلطة القاضي الجنائي في تقدير الأدلة
الوطن 24/ بقلم: مصطفى معتبر (باحث في القانون الخاص كلية الحقوق طنجة
يتجلى الدور الإيجابي الذي يقوم به القاضي للوصول إلى الحقيقة والوسائل التي يعتمد عليها من أجل تحقيق العدالة التي تعتبر أسمي الغايات ولا سبيل لإدراكها إلا عبر وسيلة البحث عليها بالقانون باعتباره وسيلة للمجتمع لإقرارها. ومن هنا سنتطرق لهذه الوسائل في المطلب الأول فيما خصصنا المطلب الثاني الاستثناءات التي ترد على مبدأ حرية الإثبات.
لقد نظم هذا المشرع المغربي وسائل الإثبات في المواد من 286 إلى 296 من قانون المسطرة الجنائية، إذ نجد أن المشرع المغربي لم يعرف الإثبات لا في القانون المدني ولا في القانون الجنائي.
لكن يمكن تعريفه ” بأنه إقامة الدليل على أن المتهم ارتكب الفعل المنسوب إليه وهكذا ففي الميدان المدني فان وسائل الإثبات تهيأ قبل إثارة الدعوى عكس ما عليه الحال في الميدان الزجري ذلك أن الأدلة في الميدان الزجري تختلف عن الأدلة في الميدان المدني.
ففي الميدان المدني: يقوم المتعاملون بتهيىء الحجة (في قضايا القرض، أو البيع) حيث يهيئون وثيقة مكتوبة يوقع فيها الطرفان حتى قبل انتقال موضوع العقد إلى الطرف الأخر.
أما الميدان الجنائي: أما في الميدان الجنائي فان جميع الأفعال التي يقوم بها “المتهم” تكون مخالفة للقانون لدلك يعمل جاهدا على إخفائها والتستر عليها لذلك توسع المشرع المغربي في إثبات هذه الأفعال في الميدان الزجري وأجاز إثباتها بجميع وسائل الإثبات.
وعليه لا يسوغ للقاضي الجنائي أن يبني حكمه إلا على الأدلة المقدمة في معرض المرافعات التي حصلت المناقشة فيها حضوريا أمامه.
ولقد نص القانون على بعض الأدلة المقدمة التي يعتمد عليها القاضي في الإثبات، فهذا لا يعني بان القاضي يتقيد بهذه الأدلة بل يجوز له الاعتماد على أي دليل آخر يكون مفيدا في إظهار الحقيقة، كالدليل المستمد من البصمة الوراثية أو البصمات إلى غير ذلك من الأدلة.
يعتبر الدليل الكتابي أهم وسائل الإثبات حيث نظمت أحكامها مختلف التشريعات، ويتمثل هذا الدليل في الأوراق والمحررات والتي يمكن أحد الشكلين إما تمثل جسم الجريمة أو مجرد دليل من أدلة الدعوى.
ويقصد بالوسائل المكتوبة المتمثلة لجسم الجريمة تلك الأوراق والمحررات التي تدل على وقوع الجريمة، أو بمعنى آخر هي الجريمة نفسها، مثل الورقة المزورة أو العقد المزور أو وسائل التهديد والابتزاز الموجهة إلى شخص ما، فهذه الأوراق تدل على وقوع الجريمة وبانتفائها تختفي الجريمة، فكيف يمكن أن نقول بأن هناك تزوير دون وجود ورقة ومحرر مزور أو عقد مزور.
أما الأوراق والمحررات التي تكون مجرد دليل على وقوع الجريمة، فيمكن أن تكون الأوراق الصادرة عن المتهم أو عن الغير والتي تكتب على شكل رسائل مثلا من أجل التهديد أو القذف أو رسائل موجهة غلى شخص ما تتضمن الاعتراف بارتكاب الجريمة من طرف المرسل أو من طرف أشخاص يعملون تحت إمرته أو متواطئين معه مساهمين كانوا أو مشاركين، وكذلك المذكرات التي يقوم بكتابتها، وتتضمن ارتكاب جريمة معينة أو التهييئ لها.
كما يمكن أ تكون على شكل محاضر محررة من طرف الموظفين المختصين بالتثبت من الجرائم، وحسب المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية فإن المحضر هو: ” تلك الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارسة مهامه ويضمنها ما عاينه وما تلقاه من تصريحات أو ما قام به من عمليات ترجع لاختصاصه دون الإخلال بالبيانات المشار إليها في مواد أخرى من هذا القانون أو في نصوص خاصة.
وعليه، فإن هذه المحاضر تتميز عن المحررات التي يصدرها الموظف العمومي الذي لم يعهد له بالتثبت من الجرائم من حيث القيمة الإثباتية، فإن كانت هذه المحررات تخضع لقاعدة الاقتناع الوجداني للقضاء الجنائي، فإن للمحاضر والتقارير الصادرة عن الموظف العمومي المكلف بالتثبت من الجرائم قد منحت قيمة خاصة في الإثبات، فتكون هذه المحاضر والتقارير، إما لا يجوز مخالفتها إلا بادعاء الزور فيها أو يصدق ما جاء فيها إلى أن يثبت غير ما تضمنته.
يمكن الحديث عن وسائل الإثبات الشفهية في المادة الجنائية عن وسيلتين، هما الاعتراف والشهادة.
الاعتراف هو شهادة المتهم على نفسه، حيث يعترف بالتهمة الموجهة إليه أو بارتكابه الجريمة إما بصفته فاعلا أو مشاركا فيها.1
- مصطفى مجدي هرجة، ” الإثبات في المواد الجنائية ” دار الثقافة للنشر والتوزيع، الرباط، دون ذكر الطبعة، ص: 15.
فالاعتراف إذن هو شهادة المتهم على نفسه بأنه مرتكب للوقائع الجنائية المنسوبة إليه، إذ يتخذ شكل تصريح يدلي به المتهم أمام الجهات المختصة، وهو بذلك يدين نفسه ويؤكد على نفسه مسؤولية ارتكابي الجريمة، موضوع الاعتراف جزئيا أو كليا.2
ويعتبر الاعتراف في ظل الإثبات المفيد سيد الأدلة، لكنه لم يعد يولد الاقتناع في العصر الراهن، ولم يبقى للاعتراف نظريا تلك الحجة المطلقة، حيث أصبح يخضع كغيره من وسائل الإثبات للسلطة التقديرية للقضاة، وهو ما أكدته المادة 293 من قانون المسطرة الجنائية.
والاعتراف قد يصدر من المتهم في جلسة المحاكمة أو أمام قاضي التحقيق ويسمى ذلك اعترافا قضائيا، وقد يصدر عن المتهم خارج المحكمة ويصل إلى القضاء بطريقة غير مباشرة كأن يعترف الشخص باقترافه للجريمة أمام الضابطة القضائية ويضمن في محضر البحث التمهيدي.2
الشهادة إخبار أو رواية يرويها شخص عن واقعة معينة، وهي تأخذ شكل تصريح يدلي به صاحبه بعد أداء اليمين وتوفر الشروط القانونية طبقا لما تنص عليه المواد 123 و331 من قانون المسطرة الجنائية، والشهادة إما أن تكون مباشرة أي أن يدلي بها الشخص الذي رأى الواقعة، وبالتواتر أي فلان عن فلان، وهي أقل حجية من الشهادة المباشرة.
وطبقا للمادة 123 من قانون المسطرة الجنائية فأداء اليمين يجب أن يكون بالصيغة التالية: ” أقسم بالله العظيم على أن أشهد بدون حقد ولا خوف وأن أقول الحق ولا شيء غير الحق وألا أشهد إلا بالحق” ويترتب على عدم أداء اليمين القانونية بطلان الشهادة وذلك بصريح نص المادة 331 من قانون المسطرة الجنائية.
لقد نظم المشرع المغربي الخبرة من خلال المواد 194 إلى 209 من قانون المسطرة الجنائية، إذ بالرجوع إلى مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 194 من قانون المسطرة الجنائية نجدها تنص على أنه: ” يمكن لكل هيئة من هيئات التحقيق والحكم كلما عرضت عليها مسألة تقنية أن تأمر بإجراء خبرة إما تلقائيا وإما بطلب من النيابة العامة أو الأطراف.
والخبرة إجراء يرمي إلى استخدام أحد المختصين في مسألة فنية، لا يمكن للقاضي تكوين قناعته اليقينية في النزاع المعروض أمامه، ويلجأ القاضي إلى الاستعانة بخبير في كل مسألة فنية أو علمية لا يساعده تكوينه في التثبت منها ولا يتسع وقته لدراستها، فمثلا القاضي لا يستطيع معرفة نسبة العاهة المستديمة التي حصلت للضحية بسبب الاعتداء الذي تعرض له، ثم لا يمكن للقاضي أن يعرف السبب الحقيقي للوفاة لان هذا من اختصاص الطبيب الشرعي.
- نفس المرجع، ص: 16.
- محمد العروصي ، ” المختصر في التحقيق الإعدادي ووسائل الإثبات ” مكتبة الوراقة بالرباط، العدد دون ذكر السنة، ص: 22.
من المؤكد أن الإثبات الجنائي كفرع من فروع قانون الإثبات قد طرأت عليه تطورات واسعة بفضل الطفرة العلمية الهائلة التي عرفها هذا الميدان، فهذه الطفرة تأسست على نظريات وأصول علمية دقيقة واستطاعت أن تزود القاضي الجنائي بأدلة قاطعة وحاسمة تربط أو تنفي علاقة المتهم بالجريمة.
لقد أثارت وسائل الإثبات المعلوماتية النقاش والخلاف بين المختصين وفقهاء القانون حول مدى مشروعية الاستعانة بهذه الوسائل، فالجانب الرافض يقول بأن هذه الوسائل غالبا ما تمارس بصورة خفية، وبالتالي تطرح مسألة احترام خصوصية الأشخاص وحقوقهم الفردية، وانتهاك الكرامة الإنسانية.
فيما يعلل الفريق المؤيد توجهه هذا بان المصلحة العامة تغلب على المصلحة الخاصة وبأنه يلجأ إلى هذه الوسائل في حدود ضيقة وعندما تستدعي الضرورة ذلك فقط، ومتى يكون استخدام هذه الوسائل حاسما في إظهار الحقيقة. ونتحدث هنا عن:
بالرجوع إلى التشريع الجنائي المغربي نجد انه قد نظم هذه الوسيلة من المادة 108 إلى المادة 116 من قانون المسطرة الجنائية.
التصنت السري1 يعني أن المحادثات الصادرة من هاتف شخص معين أو إليه، يتم التقاطها ومراقبتها باستخدام وسائل تقنية حديثة.
وتعتبر هذه الوسيلة من أخطر الوسائل التي تقررت استنادا على حق الإنسان في الخصوصية، لأن المراقبة تتم دون علم الشخص، وتمكن من سماع وتسجيل أدق أسرار حياته، لذلك تم تقييد هذه الوسيلة وجعل مسألة اللجوء إليها قاصرة على بعض الجرائم، كالجرائم المنظمة، والجرائم التي تمس بأمن الدولة أو الجرائم الإرهابية.2
ومن الناحية المسطرية، فاللجوء إلى مثل هذه الوسائل تحتاج حسب المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية إلى إذن من الجهة المختصة، كما حددت المادة السالفة الذكر المؤسسات التي يمكنها ممارسة هذه
- محمد العروصي، مرجع سابق، ص: 23.
- مصطفى مهدي هرجة، مرجع سابق، ص: 52.
الوسيلة،1 كما أن مدة التنصت والتقاط المكالمات حسب المادة 109 من قانون المسطرة الجنائية التي لا يمكن أن تتجاوز 4 أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة.
وهي تتمثل في آلة التصوير الرقمية وكاميرات المراقبة، حيث أن الشهادة تعتمد على العين التي شاهدت الوقائع ثم تنقلها إلى القاضي، وهذه حالة آلة التصوير الحديثة وكاميرات المراقبة اللذان يعتبران أكثر دقة في التقاط الصور.
لكن ما يعاب على هذه الوسائل أن يد الإنسان يمكن أن تصل إليها وتعبث بها، وبالتالي يجب التأكد من صحتها ونقائها قبل اعتمادها.
ونعني هنا بهذه الوسائل إخضاع ما قد يعثر عليه من مواد قد تكون لها صلة بالجريمة، أثناء البحث التمهيدي في موقع الجريمة أو على جسم الصحية أو أحد الحاضرين في مكان الجريمة أو المشكوك فيه بارتكاب الجريمة إلى التحليل في مختبر خاص وذلك مثل الوسائل التي استعملت في ارتكاب الجريمة كالسكين أو المسدس…. بالإضافة إلى الدم أو اللعاب أو عقب السيجارة أو الشعر أو البصمات…. وما جعل تحليل أو إخضاع هذه المخلفات التي يتركها المجرم للتحليل مهمة كونها تساعد بشكل قطعي في التعرف على المجرم من خلال ما يسمى البصمة الوراثية أو الجينية (ADN).
- البصمة الوراثية: (ADN).
مادة ADN هي واحدة في كل خلية وسائل ونسيج في جسم الفرد، ولا يمكن تغييره بواسطة أي علاج معروف، وعليه، فإن هذه المادة أصبحت رائدة في الاستعراف والتمييز بين أبناء الجسم البشري.
وقد أحدثت هذه المادة ثورة في العلوم الجنائية، حيث لم يعد من الصعب إثبات أبوة فلان لطفل بما لا يقبل الجدل أو الشك.
- تنص المادة 108 من ق.م.ج على أنه: ” يمنع التقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها أو أخذ نسخ منها أو حجزها.
غير أنه يمكن لقاضي التحقيق إذا اقتضت ضرورة البحث ذلك، أن يأمر كتابة بالتقاط المكالمات الهاتفية وكافة الاتصالات المنجزة بواسطة وسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها أو حجزها.
كما يمكن للوكيل العام للملك إذا اقتضت لذلك ضرورة البحث، أن يلتمس كتابة من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف إصدار أمر بالتقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها أو حجزها وذلك إذا كانت الجريمة موضوع البحث تمس بأمن الدولة أو جريمة إرهابية أو تتعلق بالعصابات الإجرامية أو بالقتل أو التسميم أو بالاختطاف وأخذ الرهائن أو بتزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام أو بالمخدرات والمؤثرات العقلية أو بالأسلحة والذخيرة والمتفجرات أو بحماية الصحة.
غير أنه يجوز للوكيل العام للملك في حالة الاستعجال القصوى بصفة استثنائية أن يأمر كتابة بالتقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها وحجزها متى كانت ضرورة البحث تقتضي التعجيل خوفاً من اندثار وسائل الإثبات، إذا كانت الجريمة تمس بأمن الدولة أو جريمة إرهابية أو تتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية أو بالأسلحة والذخيرة والمتفجرات أو بالاختطاف أو بأخذ الرهائن “
كما يمكن تحديد هوية الجاني من خلال عقب سيجارة (تحليل آثار اللعاب عليه) أو حتى من خلال شعرة واحدة يعثر عليها في مسرح الجريمة.
وعلى مستوى التحقيقات الجنائية، فقد تمكنت دوائر المكتب الفدرالي للتحقيقات ومختبرات الشرطة الأمريكية من كشف العديد من الجرائم بواسطة هذه البصمة ADN.
ولم تعرف البصمة الوراثية حتى عام 1984 حينما نشر “د. أليك جيفريز”، عالم الوراثة بجامعة لندن بحثا أوضح فيه أن هذه المادة الوراثية قد تتكرر عدة مرات وتعيد نفسها في تشابهات عشوائية غير مفهومة، وواصل أبحاثه وتوصل بعد عام واحد إلى أن هذه التشابهات مميزة لكل فرد، ولا يمكن أن تتشابه بين الأفراد إلا في حالة التوائم المماثلة فقط، بل إن احتمال تشابه بصمتين وراثيتين بين شخص وآخر هو واحد في الترليون، مما يجعل التشابه مستحيلا وسجل “د. أليك” براعة اكتشافه عما 1985 وأطلق على هذه التشابهات اسم البصمة الوراثية للإنسان the ADN. وقد أحدثت أبحاثه قفزة هائلة في مجال الطب الشرعي، حيث ثم التعرف على الجثث المشوهة وتتبع الأطفال المفقودين وأخرجت المحاكم البريطانية ملفات الجرائم التي قيدت ضد مجهول، وفتحت التحقيقات فيها من جديد، وبرأت البصمة الوراثية مئات الأشخاص من جرائم القتل والاغتصاب، وأدانت آخرين مما يعني أنها وسيلة إثبات فريدة من نوعها.
أما في المغرب فإننا لا نجد تنظيما خاصا بالبصمة الوراثية لا من حيث تعريفها وضبط حجيتها وقوتها الإثباتية اللهم ما جاءت به مدونة الأسرة من إمكانيات إثبات النسب بكل الوسائل المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية.
تندرج البصمات ضمن الخطوط التي تكسو أطراف الأصابع وراحة اليد، وهي تختلف اختلافا لا حد له حسب اختلاف الأشخاص.
وهذه البصمات إذا ما لامست جسما من الأجسام، إلا وتركت عليها آثارها، وهذا راجع أساسا إلى تكوين بشرة الجلد المغطاة بطبقة ذهنية خفيفة من إفرازات العرق.
ولمعرفة البصمات في مكان الجريمة، فالأمر يوجب معرفة مكان وكيفية دخول الجاني وخرجه، وكذلك فحص جميع الأشياء التي من المحتمل أن يكون الجاني قد لامسها أو نقلها من مكانها الأصلي.
والبصمات قد تكون ظاهرية، حيث يمكن أ، يراها الخبير بالعين المجردة عند معاينة مكان الحادث، أو خفية، والتي لا يمكن إظهارها إلا باستعمال مواد كيماوية على شكل مسحوق أو سائل.
وقد أرشدنا الله سبحانه وتعالى للبصمة وأهميتها من خلال قوله تعالى 🙁 (أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه))، والبنان هو نهاية الأصبع، وتنقسم البصمات إلى عدة أنواع:
لكل إنسان بصمة الرائحة المميزة له عن سائر البشر، حيث يقول الله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام: (ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون).
من هنا تم استغلال هذه البصمة المميزة في تتبع آثار أي شخص معين. وأبرز مثال على ذلك، الكلاب التي تستطيع بعد شم ملايين من البشر أن تخرج الشخص المعين من بين آلاف البشر.
وهي تلك العضلات القرمزية التي كثيرا ما تغنى بها الشعراء، وقد ثبت أن لبصمة الشفاه صفة مميزة لدرجة أنه لا يختلف اثنان فيها. ويتم أخذ بصمة الشفاه بواسطة جهاز به حبر غير مرئي، حيث يتم الضغط على شفاه الشخص بعد أن يوضع عليها ورق من نوع النحاس فتطبع عليه البصمة.
وتعتبر هذه البصمة من وسائل الإثبات ذات الفعالية الكبرى، وأكبر دليل على ذلك هو تمكن الخبراء من التعرف على الأشخاص بواسطة عقب السجارة.
لقد عملت إحدى الشركات الأمريكية لصناعة الأجهزة الطبية على ابتكار بصمة العين، حيث أكدت الشركة أنه لا توجد عينان متشابهتان في كل شيء، ويتم أخذ هذه البصمة عن طريق النظر في عدسة الجهاز الذي يقوم بدوره بالتقاط صورة لشبكة العين، وعند الاشتباه في أي شخص، يتم الضغط على زر معين بالجهاز، فتتم مقارنة صورته بالصورة المختزلة في الجهاز.
حيث تعد إحدى أهم البصمات التي يتم الاعتماد عليها في الإثبات، لكن بطريقة معقدة تستوجب تكنولوجيا عالية، وتتميز هذه البصمة بكونها الوحيدة التي لا تتغير منذ ولادة الإنسان وحتى مماته.
وعموما فإن المحاكم الجنائية تعمل على الأخذ بالبصمات كدليل إثبات قاطع بعد أن يثبت لها علميا أن الشك لا يتطرق إليها.
لكن تبقى بعض الحالات يمكن للجاني الفرار من المسؤولية الجنائية، وذلك بالتخلص من آثار البصمات بالحرق، هذا فضلا عن إمكانية إزالتها عن طريق الجراحة.