إلى دار البقاء… مات قيدوم المسرحيين المغاربة الفنان عبد الجبار الوزير بعد صراع مع المرض
الوطن 24/ مراكش
علمت الوطن 24 من مصادرها أن الفنان المغربي عبد الجبار الوزير فارق الحياة قبل قليل من عشية يومه الأربعاء 2 شتنبر الجاري، عن سن ناهز 92 سنة بعد معاناة طويلة مع المرض
وأوضح المصدر ذاته بأن الحالة الصحية لقيدوم الكوميديا بمراكش، لفظ أنفاسه الأخيرة، بعد تعرضه لوعكة صحية قبل أيام، كان قد نقل بسببها للمستشفى من أجل تلقي العلاجات الضرورية.
تجدر الإشارة إلى أن الراحل عبد الجبار لوزير، ولد بدرب “لـڭـزا” قرب رياض العروس بمدينة مراكش سنة 1928، خلال أزيد من نصف قرن، إضافة إلى أنه يمثل مسيرة كوكبة مضيئة من الفرح التلقائي والبسيط، وقد تشبع بفن ”الحلقة ” الذي تشتهر به ساحة جامع الفنا بمراكش، حيث تعلم فن الحكي وأصول التمثيل، قبل أن ينظم للعديد من الفرق المسرحية المحلية ويشارك معها في مسرحيات عرضت داخل المغرب وخارجه.
وكانت الانطلاقة الفنية لعبد الجبار الوزير الذي بدأ حياته كحارس مرمى لفريق الكوكب المراكشي لكرة القدم، مع فرقة الأطلس الشعبي، لمولاي عبد الواحد حسنين، وهي المدرسة الفنية التي تخرج منها عدد كبير من الممثلين، وكانت فلسفتها هي التأسيس لفرقة المسرح الشعبي، وغايته استعمال التلقائية والبساطة كأداة لخلق فرجة مؤثرة في الجمهور، وكان أول عمل مسرحي يؤديه هو مسرحية “الفاطمي والضاوية”، رفقة الفنان الراحل محمد بلقاس، التي عرضت عشرات المرات في مختلف مناطق المغرب، ومن بين من عرضت أمامهم جلالة الملك الراحل محمد الخامس بفضاء قصر الباهية بمراكش سنة 1957.
ونجح لوزير كثنائي كوميدي مع الفنان الراحل محمد بلقاس، كما قدم عددا من المسرحيات والمسلسلات والأفلام الناجحة، من بينها “الحراز”، و”حلاق درب الفقراء”، و”دار الورثة”، و”ولد مو” وغيرها، إضافة إلى ماضيه المشرق ضمن صفوف المقاومة الوطنية، وشهرته مع فريق الكوكب المراكشي.
رحم الله هذا الفنان الكبير، عبد الجبار الوزير. لقد كان فنانا طبيعيا خارج النمط. كان الوزير وملازمه الراحل محمد بلقاص من الرعيل الأول من مسرحيي الفرجة والضحك في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات عندما دخل التلفزيون الأبيض والأسود البيوت المغربية، فكانا يدخلان البهجة على البيوت يوم كانت الأسرة تستطيع أن تجلس أمام التلفزيون دون إحراج قبل أن يتدفق سيل العرم وتطغى التفاهة والهبوط الأخلاقي على التلفزيون والمنتج والمتفرج والمنفذ. كان فن الإضحاك آنذاك بسيطا وعميقا، بمجرد حركة صغيرة أو كلمة يهتز أفراد الأسرة بالضحك والصخب، وربما بقي تأثير تلك الحركة يومين أو ثلاثة.
كان ذلك في الثمانينات التي قد تكون آخر عقد جميل قبل أن ينقلب العالم في العقد التالي. الثمانينات نهاية مرحلة وبداية أخرى. منها بدأت المعايير تتغير عالميا. وفي المغرب شكلت الثمانينات آخر عقد سادت فيه القيم السياسية والثقافية في حدها الأدنى، حيث بدأ ينقرض الجيل السابق الذي عاش مع الاستعمار الفرنسي وكان يؤمن بالحد الأدنى من الجدية والوطنية، ويظهر جيل جديد أكثر انتهازية، هو الذي استخلف هذا الجيل الذي تساوى لديه القانون والعرف والشريعة.