المغرب والمزايا الجمركية الأمريكية.. فرصة اقتصادية أم تحدٍّ جديد؟

أثار القرار الأمريكي الأخير بشأن الرسوم الجمركية موجة من الترقب في الأوساط الاقتصادية العالمية، خصوصًا بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب عن فرض تعريفات جمركية متفاوتة على الدول وفقًا لمبدأ “المعاملة بالمثل”. وبينما شهدت بعض الدول زيادات كبيرة في الرسوم، حافظ المغرب على وضعه التفضيلي بنسبة لم تتجاوز 10%، مما يطرح تساؤلات حول تأثير هذا القرار على الاقتصاد الوطني.

يأتي هذا الامتياز في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة إعادة ترتيب خريطة علاقاتها التجارية وفق أسس جديدة، إذ فرضت تعريفات مرتفعة على دول مثل الصين (34%)، الاتحاد الأوروبي (20%)، تونس (55%)، والجزائر (30%)، مما يعكس تصنيف واشنطن لشركائها الاقتصاديين بناءً على معايير اقتصادية وسياسية معقدة. في المقابل، استفاد المغرب من نسبة منخفضة مماثلة لتلك التي حظيت بها بريطانيا، السعودية، الإمارات، ومصر، ما يجعله ضمن دائرة الحلفاء الاقتصاديين الموثوق بهم لدى الإدارة الأمريكية.

الحفاظ على تعريفات جمركية منخفضة أمام السوق الأمريكية يمنح المغرب عدة مزايا استراتيجية، أبرزها:

  1. تعزيز الصادرات المغربية
    يُعد السوق الأمريكي من أكبر الأسواق الاستهلاكية عالميًا، وبفضل الرسوم الجمركية المخفضة، يمكن للمنتجات المغربية أن تحافظ على تنافسيتها مقارنة بدول فقدت امتيازاتها الجمركية. قطاعا الزراعة والصناعات التحويلية قد يكونان أكبر المستفيدين، خاصة في ظل الطلب المتزايد على المنتجات الغذائية والسلع المصنعة منخفضة التكلفة.
  2. جذب الاستثمارات الأجنبية
    الشركات العالمية التي تبحث عن مواقع إنتاج بتكاليف تنافسية قد ترى في المغرب وجهة مثالية، خصوصًا أن تصديرها نحو الولايات المتحدة سيكلفها أقل مقارنة بدول أخرى. هذا قد يعزز مناخ الاستثمار ويدفع إلى توطين الصناعات الموجهة للسوق الأمريكية داخل التراب المغربي.
  3. تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية
    استمرار المعاملة التفضيلية يعكس مكانة المغرب كحليف استراتيجي لواشنطن، مما قد يفتح الباب أمام مفاوضات مستقبلية لتعزيز الاتفاقيات التجارية بين البلدين، بما في ذلك توسيع نطاق المنتجات المستفيدة من هذه الامتيازات.

التحديات المحتملة

لكن رغم الفرص الواعدة، فإن الحفاظ على هذه المكتسبات يتطلب مواجهة بعض التحديات، أهمها:

  • رفع القدرة الإنتاجية: للاستفادة القصوى من الامتياز الجمركي، يجب على المغرب تعزيز قدراته التصنيعية وتحسين جودة الإنتاج ليكون قادرًا على تلبية الطلب الأمريكي المتزايد.
  • المنافسة مع دول أخرى: رغم أن المغرب حصل على نسبة رسوم مميزة، إلا أن دولًا أخرى مثل الإمارات وبريطانيا تتمتع بنفس الامتياز، ما يعني ضرورة تحسين تنافسية المنتجات المغربية.
  • تقلبات السياسة الأمريكية: القرارات التجارية في واشنطن قد تتغير مع تبدل الإدارات، ما يستوجب على المغرب البحث عن ضمانات طويلة الأمد تقيه أي تحولات مفاجئة قد تؤثر على امتيازاته.

يبدو أن القرار الأمريكي بمنح المغرب معاملة تفضيلية في الرسوم الجمركية يحمل في طياته فرصًا اقتصادية كبيرة، لكنه في الوقت نفسه يفرض تحديات تتطلب استراتيجية واضحة لتعزيز القدرة الإنتاجية والتنافسية. في ظل التحولات الاقتصادية العالمية، يبقى السؤال الأهم: هل سينجح المغرب في استغلال هذه الفرصة لتثبيت موقعه كشريك تجاري استراتيجي للولايات المتحدة، أم أنه سيواجه عقبات قد تحد من الاستفادة الكاملة من هذه الامتيازات؟