بنعبد الله يننتحر سياسيا

الوطن 24/ كتب: عبد الله جعفري

قالت مصادر عليمة من حزب التقدم والإشتراكية، ان قرار المكتب السياسي مغاردة الحكومة قبل التعديل الحكومي، كان قرار معد مسبقا من قبل الأمين العام نبيل بنعبد الله ومعه بعض أعضاء المكتب السياسي وخصوصا وزيرة ووزراء تم إعفاءهم سابقا من قبل الملك.

 ووجد بنعبد الله ومعه قيادات الحزب الذين تم إعفاءهم يعيشون الإنتظارية والفراغ السياسي، مما جعلهم يقرون بأن الحزب يعيش أزمة تنظييمة وأصبح رهين المشاركة في الحكومة، ولم يجد الطريق معبأ له للحصول على مقاعد إضافية في التعديل الحكومي ولا في تولي مسؤوليات في إدارات كبرى.

 وقالت مصادر”سياسي” أن حزب بنعبد الله أخبر بأن له حقيبة واحدة لوزارة صغيرة، وهو ما جعل بنعبد الله يحشد الدعم من قبل بعض أعضاء المكتب السياسي من أجل الخروج من الحكومة، كما أن رئيس الحكومة لم يولي بنعبد الله الأهمية في التعديل الحكومي.

 ويسود حزب التقدم والإشتراكية حالة إحتقان، وأكد أكثر من مصدر أن قرار الخروج من الحكومة قرارمتسرع وهو إعلان عن نهاية وموت الحزب.

 وأصدر حزب الكتاب بلاغ مما جاء فيه:

 لقد جاء قرارمشاركة حزب التقدم والإشتراكية في الحكومتين السابقة والحالية في سياق تاريخي مفصلي في مساروطننا وشعبنا، استدعت أن يكون الحزب قوة فاعلة في مرحلة ما بعد الخطاب الملكي ليوم 09 مارس وإعتماد دستور 2011 وما فتحه من آفاق بناء دولة المؤسسات القائمة على العدالة الإجتماعية والحرية والكرامة.

 ويعتز الحزب بإسهامه الواضح في ما تحقق من تقدم لصالح بلدنا، سواء منذ بدأ مشاركته في تدبير الشأن العام مع حكومة التناوب التوافقي، أو خلال المرحلة التأسيسية لما بعد الدستور الجديد وذلك على مستويات عدة، خاصة فيما يرتبط بتعزيز التراكم الديموقراطي، وتقوية البناء المؤسساتي، والتعاطي الفعال مع العديد من الملفات والقضايا السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية ذات الصلة بالمعيش اليومي للمواطنات والمواطنين.

 كما ظل حزب التقدم والإشتراكية، طيلة الفترة الأخيرة، يؤكد على حاجة البلاد إلى نفس ديمقراطي جديد من أجل إستئناف مسارالإصلاح السياسي والإقتصادي والإجتماعي وفتح آفاق جديدة تمكن من المضي قدما في بناء المغرب الحداثي والمتقدم القائم على العدالة الإجتماعية والتضامن.

 لقد ظل الحزب يحمل هذا النداء، ويترافع حوله في ساحة النقاش العمومي، ومن خلال المواقف المتواترة المعبرعنها من قبل هيئاته القيادية، من لجنة مركزية ومكتب سياسي، وذلك في محطات عدة ومناسبات متنوعة، لعل أبرزها المؤتمر الوطني العاشر للحزب سنة 2018 الذي انعقد تحت شعار “من أجل نفس ديمقراطي جديد”.

كما ظل حزب التقدم والإشتراكية متطلعا إلى التجاوب المطلوب من قبل باقي الفاعلين السياسيين والمجتمعيين، في إطار نقاش وطني هادئ ومتزن ومسؤول، يمكن من رفع تحديات المرحلة التاريخية التي تجتازها بلادنا مع كل ما يكتنفها من تعقد وصعوبات.

 ولطالما سعى حزب التقدم والإشتراكية، من موقعه داخل الأغلبية الحكومية، إلى الدفع في إتجاه التركيز على الإصلاحات الكبرى الواجب إنجازها في المجالات والقطاعات ذات الأولوية، وتقوية الحضور السياسي للحكومة وجعل مكوناتها قادرة على الإضطلاع الجدي بدور الوساطة قصد حمل قضايا المواطنات والمواطنين والتفاعل معها، في إطار حياة سياسية سوية وسليمة تمكن من إعادة الثقة لفئات إجتماعية واسعة، وخاصة الشباب، وتحدث التعبئة الضرورية لإنجاز وإنجاح أي إصلاح.

 وفي المقابل، سجل حزب التقدم والإشتراكية، بأسف، أن الأغلبية الحكومية الحالية، ومنذ تأسيسها إلى اليوم، وضعت نفسها رهينة منطق تدبير حكومي مفتقد لأي نَفَس سياسي حقيقي يمكن من قيادة المرحلة، والتعاطي الفعال مع الملفات والقضايا المطروحة، وخيم على العلاقات بين مكوناتها الصراع والتجاذب والسلبي وممارسات سياسوية مرفوضة، حيث تم إعطاء الأولوية للتسابق الإنتخابوي في أفق سنة 2021، وهدر الزمن السياسي الراهن مع ما ينتج عن ذلك من تذمر وإحباط لدى فئات واسعة من جماهير شعبنا.

 ونتيجة لغياب الحد الأدنى من التماسك والتضامن بين مكونات الأغلبية، تعمق لدى فئات واسعة من المواطنات والمواطنين فقدان الثقة في العمل السياسي، خاصة بعد العجز الحكومي في التفاعل الايجابي والسريع مع ما تم التعبيرعنه من مطالب إجتماعية ملحة من قبل بعض الفئات الإجتماعية والمجالات الترابية، في وقت يعرف فيه النمو الإقتصادي بطئاً واضحاً، وعجز النموذج التنموي الحالي على إيجاد الأجوبة الملائمة للإشكاليات المطروحة على صعيد تطوير الإقتصاد الوطني وتحقيق العدالة الإجتماعية والمجالية.

 إن هذه الوضعية وما يميزها من أجواء وعلاقات بين فرقاء داخل الأغلبية السياسية، التي من المفروض أنها تتأسس على برنامج حكومي متوافق عليه، ومؤطرة بميثاق أخلاقي وتعمل بشكل متضامن، ( هذه الوضعية) هي التي عمقت من حالة الحيرة والقلق والإنتظارية التي إنتشرت وتنتشر في أوساط مختلفة من المجتمع، وهو ما سبق لحزب التقدم والإشتراكية، في العديد من المناسبات، أن نبه إلى خطورته على مستقبل البلاد والمشروع الإصلاحي الذي تنشذه.

 بل إن بعض المبادرات والإجراءات الإصلاحية التي لها أهميتها، لم تُوَفَّق الحكومة وأغلبيتها في حملها سياسيا بالقدر الكافي لشحد الهِمَم وإنارة الطريق وضمان الإنخراط الفعلي للفئات الإجتماعية المعنية وتعبئة الرأي العام حول المشروع الاصلاحي الذي التزمت به الحكومة. وفي هذا السياق، يسجل حزب التقدم والإشتراكية، بإعتزاز، المضامين الهامة للخطب الملكية السامية طيلة الفترة الأخيرة، والتي ما فتئت تدعو الحكومة إلى إتخاذ ما يتعين من مبادرات قصد إنجاز الإصلاحات المطلوبة في العديد من المجالات، خاصة منها ذات الإرتباط المباشر بالحياة اليومية للمواطنات والمواطنين، ودون أن تتمكن الحكومة من أن تكون في الموعد.

 ويجسد خطاب العرش لسنة 2019 محطة أساسية في هذا المسار، حيث وقف جلالة الملك على الثغرات والنقائص التي تعتري العمل الحكومي، مشددا على ضرورة التعاطي الجدي مع معضلة محدودية قدرة الإقتصاد الوطني والآلة الإنتاجية على خلق الثروة وتوفير الشغل، وإشكالية العدالة الإجتماعية والمجالية التي تمكن من جعل أوسع فئات جماهير شعبنا، في مختلف المناطق والجهات، خاصة المجالات الترابية المقصية، في هوامش المدن وفي الأرياف والقرى والجبال، تَلْمَسُ أثر الإصلاح في الإستجابة إلى مطالبها المشروعة وحاجاتها الملحة، وعلى هذا الأساس كان الطلب الملكي بإجراء تغييرات في مناصب المسؤولية في الحكومة والإدارة.

 ومنذ إطلاق السيد رئيس الحكومة للمشاورات المتعلقة بالتعديل الحكومي، حرص حزب التقدم والإشتراكية، في تفاعل مع توجيهات خطاب العرش، على التأكيد على أولوية المدخل السياسي للتعديل الحكومي الذي يجب أن يتأسس على مضمون برنامجي إصلاحي طموح، تحمله إرادة سياسية قوية معبر عنها بوضوح، وحضور ميداني متواصل يحدث التعبئة المرجوة.

 كما يسجل حزب التقدم والإشتراكية، بأسف، أنه عوض أن يتم أخذ كل ما سبق بعين الإعتبار، ظلت المشاورات المتصلة بالتعديل الحكومي حبيسة منطق المناصب الوزارية، وعددها، والمحاصصة في توزيعها، وغير ذلك من الإعتبارات الأخرى، دون النفاذ إلى جوهر الموضوع، حيث لا إصلاح دون المدخل السياسي الواضح، والبرنامج الحكومي الطموح المرتكز على الأولويات الأساسية، والإرادة القوية في حمل مشروع الإصلاح ورفع تحدياته وربح رهاناته. لذلك، وبعد تداول معمق لموضوع التعديل الحكومي من مختلف جوانبه خلال إجتماعات عديدة طيلة الأسابيع الأخيرة، في إطار من الجدية والاتزان والمسؤولية، يعتبر المكتب السياسي لحزب التقدم والإشتراكية أن الوضع غير السوي للأغلبية الحالية مرشح لمزيد من التفاقم في أفق سنة 2021 كسنة إنتخابية، مما سيحول دون أن تتمكن الحكومة من الإضطلاع بالمهام الجسام التي تنتظرها، ولا أن تتجاوب بالقدراللازم مع التوجيهات الملكية المؤطرة لهذا التعديل. لذا، وتأسيسا على كل ما سبق، يعلن المكتب السياسي، بأسف شديد، أنه إتخذ قرارعدم الإستمرار في الحكومة الحالية، على أساس أن يظل، من أي موقع كان، حزبا وطنيا وتقدميا يعمل من أجل الإصلاح والديمقراطية ويناضل من أجل تغيير أوضاع بلادنا وشعبنا نحوالأحسن، معبئا في ذلك وراء صاحب الجلالة، ومصطفا إلى جانب كافة القوى المجتمعية الديمقراطية الحية والجادة، وساعيا إلى الإسهام في النهوض بدور وموقع ومهام اليسار في بلادنا، يساند بروح بناءة كل المبادرات الإيجابية، ويناهض بكل قوة كل ما من شأنه أن يقوض جهود بلادنا وتضحيات جماهير شعبنا من أجل بناء مغرب التقدم والكرامة والحرية والعدالة الإجتماعية.

 ويعلن المكتب السياسي أنه سيوجه الدعوة لإنعقاد دورة خاصة للجنة المركزية، يوم الجمعة المقبل (4أكتوبر 2019) قصد تدارس هذا القرار والمصادقة عليه وذلك طبقا للقانون الأساسي للحزب.