صلاح.. يا عاشق الوطن

الوطن 24/ بقلم: عبد اللطيف الصبيحي

بادئ ذي بدء لم أنتبه بتاتا إلى درجة إختراق المشمول برحمة المذيع والصحافي الكبير “صلاح الغماري” لأسرتي الصغيرة وربما سأجزم وهي ليست بتاتا من عادتي، وأقول واجمع انه تقريبا كل العائلات المغربية حصل لها نفس ما وقع لي حين باغتني طفلي الصغير دو التاسعة ربيعا، وهو يقتحم علي بيت النوم مرددا بانفعال شديد وبصوت حزين: لقد مات ” صلاح “، لقد مات “صلاح ” يا أبي … مضطربا نهضت لأفهم سر توتر ولدي وعن من يتحدث! وبعد وقت وجيز  بعدما تمكنت  نسبيا من كفكفة دموعه، عرفت ان ولدي نعى لي خبر موت صحفي لطالما كان  مبهرا  بأدائه ومواظبا على تتبع برامجه الخاصة بِداء ” كورونا صحبة اخته و والدته، عشق ولدي لمتابعته بقدر ما كان برنامجا توعويا هادفا ازال بنسبة كبيرة الخوف والرعب والهلع الذي اصاب اطفالنا جميعا بعدما اجبرهم على المكوث بالمنازل ، وعدم التوجه الى المدرسة بقدر ما خلق لتلفزتنا توهجا هي في امس الحاجة اليه بعدما عشنا معها رداءة تكاد تطبع بصفة المستدامة… المرحوم  “صلاح ” وباختصار شديد استطاع وبحنكة غير معهودة في إعلاميينا إلا القلائل ، وفي غياب تجارب سابقة في التعاطي الاعلامي مع الكوارث والظواهر الطبيعية والغير الطبيعية في طمأنة  نسبة كبيرة جدا من المغاربة إتجاه داء  فاجئنا وفاجئ العالم بأكمله، وتمكن من خلال برنامجه  ” أسئلة  كورونا ”  في التواصل مع فئات عريضة من المجتمع وجدت فيه شخصية تجتمع فيه صفتين :صفة الاخصائي الاجتماعي، وصفة الإعلامي الميداني القريب من هموم المواطن البسيط.

في زمن يعرف فيه التليفزيون منافسة شديدة من طرف الوسائط الإجتماعية، ومن تعدد المواقع الإليكترونية تمكن هدا الإعلامي المتميز  من شد انتباه الملايين من المغاربة ولم يكتف في تقديم برنامجه على الأستوديو بل نزل إلي الشارع مدشنا عُرفا غير مسبوق في إبراز دور الإعلام للانخراط في كل القضايا التي تهم شأن المواطن ومسايرة همومه والبحث عن حلول لكل ما يمكن أن يعترض طريق حياته العادية بشكل علمي وعقلاني حتى لا يسقط بين ايدي وبراثن الرقاة و المشعوذين، وهو ما جعل أحدهم يدون تدوينة شاذة عنه كلها حقد وضغينة وكره وتشفي، ليعكس تعاطفا شعبيا عارما مؤزرا ببرقية تعزية ملكية اشادت بخصال الفقيد ومناقبه.
صلاح يا عاشق الوطن:
سيظل إسمك محفورا في ذاكرتنا الجماعية وسنظل نتمنى لو كنت معنا لنشهد ونعلن سويا نصرا نهائيا على وباء خصصت كل جهدك للتوعية بمخاطره و إرشاد المواطنين إلى الكيفية التي بها يمكن الحفاظ على أرواحهم ..

صلاح يا عاشق الوطن:
كم كانت ستكون فرحتنا وأنت معنا تدشن حملة التلقيح التي سيحظى بها عموم المغاربة مجانا وبأمر من “عاهل البلاد “.

صلاح يا عاشق الوطن:
 امنت بقدرته على تخطي كل الصعاب والتحديات ، كم كانت ستكون فرحتنا جميعا وأنت معنا تلقي أخبار النشرة وتزف إلينا خبر إعتراف ” أمريكا ”  بـ “مغربية الصحراء ” كما بشرتنا بقرب بداية حملة التلقيح.