وأد النظام الرأسمالي (الرسوم الجمركية الأمريكية ونتائجها)

الوطن24/حسن حلحول كاتب
وانا اتأمل ذلك الزخم والزمر من القرارات المتسارعة والمتزاحمة التي تجرأ على طرحها ترامب بتلك القوة والحدة ،لم يسبق أن خاض فيها أي رئيس أمريكي من ذي قبل، فهو يرى أن الكينونة لامريكا هو الانتقال من حالة الوجود بالقوة وذلك عندما تتفاعل بالوسط الذي وجدت فيه حتى يصبح وجودها وجودا بالفعل وذلك باتخاذ القرارات الجمركية.
ومن ثم فإن التحليل للوجود الاني لامريكا “الدازين” كما يقول هيدجر ف مؤلفه ” الكينونة والزمان” ( من شأن كينونةهذا الكائن أنه يتعلق هو ذاته بكينونته… وإن الكينونة هي ما به يتعلق الأمر بالنسبة إلى هذا الكائن ذاته في كل مرة التي تخصه …) ويظهر أن الرئيس ترامب كأنه ينقل المفاهيم العلوم الإنسانية وخاصة ما يتعلق بالوجود لامريكا فالوجودين يقسمون الوجود الى قسمين الوجود الخاص ( نعني به أمريكا ) في هذا القسم لا يهم أمريكا الا نفسها لهذا جاء بشعار تحرير أمريكا من استغلالها، والوجود العام ( وهو العالم المحيط به) اذ يعتبر أن أمريكا لا يهمها الآخر كيفما كانت هذه الدولة ،معايير العلاقات الدولية تغيرت بعد الاحادية القطبية، ويمكن اعتبار أن البداية الأولى تفضي إلى بداية أخرى لامريكا في علاقتها مع العالم.
وهذا ما عبر عنه هايدجر في تحديد العلاقة بين “الكينونة” و”الكائن” ،إن الكينونة تنفصل عن الكائن بقوة اكبر كلما كانت أكثر تبعية له ” الطمأنينة تعني في هذا السياق أن هايدجر يعمل على احلال السلام في العلاقة بين الكائن والكينونة بتخفيف حدة التوتر فيها،وقد ينقل هذا الى صدام بين الدول ،يؤدي إلى زعزعة الاستقرار العالمي.
*حرب الرسوم الجمركية أو حرب التجارية العالمية.
هل ترامب بهذا القرار السريع وباقي رزمة من القرارات التي اتخذت في وقت وجيز لا تتجاز اربعة اشهر من توليه رئاسة امريكا سيعيد العالم اقتصاديا الى ماقبل الحرب العالميتين الأولى والثانية ؟
أنه اشعلها حربا تجارية بإعلان تحرير أميركا من استغلالها ،كما يرى الرئيس الترامب فالسؤال المطروح هو من يستغل من ؟ هل يوجد استغلال اكبر مما تستغل به أمريكا العالم، هذا هو العجب العجاب.
فالترامب لم يكتف بإشعال الحرب العالمية على المستوي التجاري والاقتصادي ، إنما أراد إشعال الحرب العسكرية مع إيران، فأمام هذا القرار الخطير ،فضلا على ان العالم مقبل على أزمة اقتصادية لم يشهد لها مثيل بسبب الرسوم الجمركية المفروضة على دول العالم، فإن ما يزيد الطين بلة ، وما يعمق الازمة العالمية الضربة العسكرية لإيران ورد الفعل ايران الذي سيشعل المنطقة بأكملها، من النتائج الاولى هوإغلاق مضيق هرموز والحثيون سيغلقون مضيق باب المندب بصفة عامة لن يسمحوا لأي سفينة بالمرور ،
في الوقت الذي نلاحظ فيه الصين لم تلوح باي ورقة ، ولم تشهر اي موقف حازم ، وتشتغل في صمت كبير وتترقب الوضع لانه في نظرها يخدم مصالحها الذاتية، اذ باندلاع الحرب مع ايران وقد تشمل دول المنطقة بأكملها، علاوة عن الحرب التجارية التي ستدور رحاها في العالم ، ينبئ على بروز نظام عالم جديد قوامه الثلاثية القطبية المبنية على المشترك الديني والتاريخي والجغرافي لهذه القطبية.
*موقف المؤسسات المالية العالمية من الرسوم الجمركية الأمريكية.
جرت العادة أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي كمؤسستين ماليتين عالميتن يستعان بهما في الازمات لكي تتدخل لتعطيي رايها الاستشاري او موقفها من خلال اطلاعها الواسع بواسطة خبراء كبار عالميين على الاقتصاد العالمي وتوجهات السياسية المالية العالمية ، وتتنبأ بما سيؤول إليه الوضع المالي والاجتماعي للدول.
بيد أن المؤسستين لم تتدخل ولم يصدر منها اي موقف أو تقرير لمعالجة ما هو مقبل عليه العالم ، كما يحدث لمنظمة الصحة العالمية عندما تتدخل توجه وتنبه تقرر تحذر تدق ناقوس الخطر تخلق ناموس معين للتخفيف أو القضاء على المشكل،
هل هذا السكوت يرجع إلى عدم استقلالية هاتين المؤسستين، ام أنها تنتظر القرارات السياسية للدول حتى يسمح لها باعطاء رأيها بخصـوص النتائج الوخيمة التي ستترتب عنها فرض الرسوم الجمركية الجديدة
وحتى لا يقع الفوضى والاضطرابات الاجتماعية .
*الصين ونتائج حرب الرسوم الجمركية .
يبدو أن الصين تستحوذ على كل مؤهلات تمكنها من كسب الرهان ،وتبرز كقوة اقتصادية وعسكرية على قيادة العالم شيئا فشيئا، وتزيح الولايات الأمريكية من برج القيادة ،
فهي المستفيد الأكبر من هذه الحرب ،لأن اقتصادها قوي وتحلفها مع روسيا وايران كمصدر للطاقة يعطي لها الطمأنينة ونفسا طويلا لمواجهة أمريكا سواء عسكريا أو اقتصاديا سياسيا أو تجاريا، ويظهر ذلك من خلال محولاتها الأخير لتطويق تايوان بالبوا رج الحربية ،ومستقبلا ستغلق مجال الجوي لتايوان وتصبح محاصرة جوا وبحرا ، ولن يتبقى لها سوى الاستيلاء عليها في شهور معدودة ، لأن أمريكا فسحت لها المجال لفعل ذلك ،و أعطت لها الفرصة التي لطالما تنتظرها الصين ، وهذه الفرصة الذهبية هي أنها شغلت نفسها بحرب تجارية عالمية واشعلتها حتى مع حلفائها التقليديين شعلتها بدون اي تحفظ ، وانصب اهتمامها على دعم إسرائيل حتى ولو ان تضحي بأمريكا ذاتها،إن إسرائيل ليست دولة تضاهي جميع الدول التي فرض الترامب عليها الرسوم الجمركية، حتى يعول عليها لجعل أمريكا تواجه الجميع بما فيها الصين.